لكل موظف طموح، وهذا حق مشروع، ولكن.. لا طموح بلا ارادة، ولا ارادة بلا مثابرة، ولا مثابرة بلا اجتهاد تعتريه محاولات عديدة، ربم...

لكل موظف طموح، وهذا حق مشروع،
ولكن.. لا طموح بلا ارادة، ولا ارادة بلا مثابرة، ولا مثابرة بلا اجتهاد تعتريه محاولات عديدة،
ربما يكون مصيرها الفشل للوهلة الأولى، ولكن لا مكان لليأس، حتى يطالها النجاح،
ومايحول بين كل تلك الخطوات والمحاولات، في الكثير من الأحيان، مايعرف بـ(النفاق الوظيفي)
الذي غالبا ماتنتصر ارادته، بالمحصلة النهائية، على ارادة الموظف(المبدع) أو المثالي
ويبقى يراوح في مكانه ولن يغادر مكتبه لسنوات عدة، رغم زيادة راتبه، بعد تدرجه في (السلم الوظيفي)
وربما يكون مديره المباشر(رب العمل) لا يعلم عن منجز ذلك الموظف المبدع،
المتوسم بالخلق الذي يمنعه تكرار مراجعة مكتب مديره المتحضر، الذي قرر أن يكون باب مكتبه مفتوحا
لاستقبال الموظفين الصغار والكبار على حد سواء وعلى مدى ساعات الدوام الرسمي.
تطور وانجاز
الأكاديمي في علم الأجتماع، المتقاعد عادل وهيب( 76 عاما) قال:
لاشك ان عدد سنوات الخدمة الوظيفية، تخلق نوعا مما يسمى بتكرار التجربة وتراكم الخبرة،
وهذا مايدفع بـ(منظومة العمل الوظيفي) الى التطور والانجاز بوقت يكاد يكون قياسياً في بعض الاحيان،
ولكن.. هذا النتاج ممكن أن ينطبق على الأقسام الأدارية وأحيانا القانونية في دوائر الدولة،
ولايصح لنا أن نقيم الموظف المنتج والكفوء، بحسب عدد سنوات خدمته فقط، فهنالك الكثير من دوائر الدولة،
وبالأخص في ظل العراق الجديد ووجود العديد من مؤسساته المستقلة، التي تعد بحاجة الى ثلاثة عناصر أساسية،
مجتمعة مواصفاتها في شخصية موظفيها، مثل موظف (مثقف- منتج- مبدع) كون طبيعة عمل تلك المؤسسات،
قابلة للتغيير والتطور في تطبيق أنظمتها القانونية والادارية والاجرائية، وبما يتلاءم
ووجود تلك المؤسسات في البلدان المتحضرة، وكل ذلك مرهون بمواصفات الموظف
الذي يمكن لنا أن نطلق عليه (الموظف المثالي) وهذا ماينطبق على العديد من المؤسسات والهيئات المستقلة.
الثقافة الوظيفية
الباحث كمال العامري،
أشار الى الاجراءات الحضارية التي اتبعتها بعض مؤسسات الدولة قبل فترة وجيزة، ووصفها،
بما أطلق عليه (الثقافة الوظيفية)
موضحا: عموم(الموظفين) من المدراء العامين الجدد، بعد أيام من توليهم مهام عملهم،
ومثلما متعارف عليه في بروتوكول (الدبلوماسية الوظيفية)، يتجولون في أروقة وأقسام المديرية أو الدائرة المعنية،
ليتعرفوا على الموظفين والمنتسبين ويراقبون سير العمل عن قرب،
في محاولة منهم لخلق انطباع لدى موظفيهم من (المثقفين) انهم قريبون منهم ومن تطلعاتهم ومن أحلامهم
وما يعكر صفو الأجواء من داخل (بيتهم الوظيفي) وبعض هؤلاء المدراء، قد مارسوا العمل الوظيفي في البلدان المتحضرة،
ويحاولون نقل تجربتهم الناجحة الى بلدانهم،
وميزتهم عن المدراء الآخرين انهم أول مايشغلهم خلال تجوالهم في أروقة دوائرهم،
هي دعوتهم الى النظافة بأدق تفاصيلها، بدءا من أناقة الموظف، ونظافة الممرات الخارجية والداخلية،
والغرف والمكاتب، وانتهاء بالحد من العادة سيئة الصيت التي تعود عليها بعض الموظفين المدخنين منذ عقود،
برمي أعقاب سكائرهم في الحدائق والباحات الداخلية التابعة لدوائرهم،
كل تلك الاجراءات تمثل دعوى لاشاعة ثقافة (النظافة) بأدق تفاصيلها،
وأيضا، جاءت تلك الدعوة بمثابة، أحد الأوامر التي يمليها رب الأسرة على أفراد عائلته،
وحتما ستشكل أحدى مميزات العائلة المثالية.
تفتيش المزاجية
الموظف في أحدى دوائر وزارة المالية (غ ش) يقول:
بعد سنوات خدمتي الوظيفية البالغة قرابة (20 عاما) للأسف مازال الكثير من دوائر الدولة،
يعاني من المزاجية في العمل، وبالأخص بعض الموظفين من (مدراء) أقسام وما شاكل،
فتلاحظ منهم من يتعامل بازدواجية مع موظفيه، ويبدو ذلك جليا في ساعات الصباح الأولى من الدوام الرسمي،
ترى مزاجه متعكرا، ربما بسبب مشاكله العائلية، أو مرض أحد أفراد أسرته،
وأحيانا لدى سماعه تعرض أحد المقربين له الى حادث مؤسف، فيصب جام غضبه على أحد الموظفين،
ويخلق له الذرائع والأباطيل وينعته (بالموظف المقصر) وربما كان تقصيره ليس عن كسل، أو ربما كان عن غير قصد،
وفي لحظتها لايروق له سماع دفاعه عن نفسه، بسبب مايحكى وبمبالغة عن سوء أدائه الوظيفي،
من قبل مسؤوله المباشر، الذي يقوم هو الآخر بتقمص دورين، دور يلبس فيه قناع الوجه السموح المتعاطف
مع الموظف (المقصر)
ودور ثان حقيقي، يلبسه ليأجج الموقف باسلوبه الخاص وحواره مع المدير على انفراد، كونه أصلا، يخشى أن يحل محله.
وتلك الحالة تمثل أحدى الوسائل الرخيصة من أساليب وطرق (النفاق الوظيفي) على حد وصفه.
ثم تطرق الى أسلوب آخر من النفاق، موضحا:
في ظل التحولات والتنقلات السنوية في عموم دوائر الدولة، من المدراء العامين ومدراء الأقسام،
هنالك البعض من الموظفين غير الأكفاء من مسؤولي المكاتب والاقسام أو الادارة،
وقد أنيط للبعض منهم هذا التكليف لتعاطف بعض المدراء معهم، بسبب المحسوبية والمنسوبية،
فهؤلاء تجدهم أول من يبارك ويقدم العطايا والهدايا الى المدراء الجدد، وكثيرا ماينتهزون الفرص
ويتحايلون ليترددون على مكاتبهم من دون تقديم مشروع مقترح لتحسين الأداء المؤسساتي لطبيعة عملهم،
ويضيف: والأشد غرابة أن هؤلاء هم أنفسهم يديرون ظهورهم للمدراء الذين تركوا مكاتبهم
وربما إذا ماصادفوهم، يسلمون عليهم من بعيد.
المدير المثالي
جبار شاكر نوري74 عاما( مدير متقاعد)
تطرق بحديثه الى عدد من المدراء الذين عاصرهم ومازالت وجوههم حاضرة في ذاكرته الطرية، أيام الخمسينات،
ووصفهم بالمدراء المثاليين، واستخلص بحديثه عن سمات المدير المثالي
قائلاً: في عموم مفاصل مؤسسات الدولة، لا يخلو عمل هذه المؤسسة اليومي من منغصات
ومن أجل ديمومة العمل والارتقاء بمستوى الأداء الوظيفي،
يتطلب من رب العمل أو (المدير المباشر) أن يحافظ على ديمومة العلاقة الحميمة بينه وبين موظفيه،
فعندما تخطو قدماه الى دائرته، ينبغي عليه أن يلقي تحية الصباح في وجوه موظفيه مع ابتسامة رقيقة،
ويرمي كل مشاكله العائلية خلف ظهره، وأن يكون متسامحا بحدود معينة،
ودودا يتسع صدره لأحتواء الموظف الكسول وتحفيزه ليكون منتجا، وأن لايصغي للموظفين المنتفعين
ولا يسمح لهم بالتسلق على أكتافه، وأن لا يستغل منصبه على حساب موظفي الدرجات الأدنى،
ويبحث دوما عن كل ما متيسر ومتاح من صلاحياته ليرفع من أجور ورواتب موظفيه الشهرية
ويمنح بحسب صلاحياته الادارية الممنوحة له، مكافأة مجزية (بين كل فترة زمنية معلومة)
للموظف الذي تنطبق عليه مواصفات(الموظف المثالي).
ايفادات وبطالة وظيفية
الموظفة المخضرمة (ج.غ) لديها26 عاما في الخدمة،
تحدثت عن الايفادات التي كانت تسمع بها في الماضي
وباتت الآن لا تطالها حتى آذان الكثير من زملائها وزميلاتها في الخدمة، على حد تعبيرها
قائلة: ان ايفادات الدولة، تنفذ على مدار السنة في كل المؤسسات، ولها مردودان ايجابيان،
أولهما لتطوير مهارات الموظفين، كل بحسب اختصاصه،
والاطلاع على آخر التقنيات المتبعة لدى مؤسسات دول البلدان المتحضرة في كل المجالات،
والمردود الثاني، يكون بمثابة فرصة سانحة للتنزه وتغيير أجواء العمل الروتيني،
وهذا مايدفع بالموظف لدى عودته من ايفاده، بشحن طاقة جديدة، من الخبرة والابداع لتألقه في عمله الوظيفي،
ولكن للأسف يلاحظ في الكثير من الوزارات، أن أسماء المدراء ومدراء الأقسام غالبا ما تتكرر في الايفادات
بسبب المحسوبية والمنافع الوظيفية، ويتعين أن يناط بها كل موظفي الدولة وبمختلف درجاتهم الوظيفية،
لكي يتسنى لنا أن نخلق موظفا مبدعا أو شبه مثالي على الأقل،
ونستثمره بما يتلاءم وحجم (البطالة الوظيفية) المستشرية في العديد من مؤسسات الدولة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق