هناك بعض الدراسات التي أشارت إلى أنه وعلى الرغم من التطور التكنولوجي الهائل الذي نشهده في هذه الأيام غير أن سكان العالم ليسوا أكثر...

هناك بعض الدراسات التي أشارت إلى أنه وعلى الرغم من التطور التكنولوجي الهائل الذي نشهده في هذه الأيام غير أن سكان العالم ليسوا أكثر سعادة من أؤلئك الذين 'عمروا' الأرض قبل خمسين سنة ، وهذه الحقيقة المفاجئة قد لا يصدقها البعض ، فيقولون على الرغم من كل هذه المظاهر التي بين أيدينا لماذا لم تستطع إمدادنا بشعور السعادة ؟
بالفعل إن هذه الحقيقة 'المثيرة للتعجب وللسخرية 'أيضاً ، تحدث بالفعل حيث يتمتع الإنسان بالكثير من الآليات المتطورة لكن الحقيقة أنه لا يجد الوقت للإستمتاع بها وذلك لأنه في 'سباق' دائم مع الوقت ، فيريد الإنسان بشكل مستمر أن يحقق الأهداف ويعمل لكي يصل ، لكنه بكل أسف أثناء سعيه هذا ينسى نفسه وبأنه يحتاج لإحساس السعادة أيضاً لكي يشعر بوجوده.
من هنا لابد من أن يهدئ الانسان من وتيرة هذه السرعة وأن يكبح 'خيوله' كما يقولون ، لكي يستطيع أن يشعر بلذة الإنجاز وتحقيق الأهداف ، فمثلا يمكن للمرء أن يستيقظ في الصباح الباكر وعلامات التفاؤل تعلو وجهه ، وبدلا من التجهم والعصبية لابد من الهدوء والروية ، ليكون الخروج من البيت بشكل متفائل والتعامل مع الآخرين بمودة ومحبة .
وبدلاً من الإنشغال بالعمل على 'اللاب توب ' أو الآيفون أو البلاك بيري أو التفكير المستمر بمشكل ات العمل ، يمكن أن يجلس المرء مع أحد المقربين والتركيز على مهمة واحدة فقط بدلاً من التشتت على الكثير من الجوانب والصعد.
وعلى الرغم أن قيامنا بالعمل على إبطاء وتيرة الحياة ليس بالأمر السهل ، غير أن الأمر يستحق المحاولة للوصول إلى تقدير أفضل لمعنى الحياة وبالتالي الشعور الحقيقي بطعم السعادة .
وخلال قيامنا بالبدء بذلك لابد من إتباع بعض الخطوات ، والتي تتمثل في قيامنا بالتركيز على عدد أقل من المهام ، لتكون البداية من الشئ الأهم ثم المهم ، وفي سبيل عدم الشعور بضيق الوقت لابد من وضع مساحة مناسبة بين المهمة والأخرى ، فيما بقية المسؤوليات يمكن العمل على تأجليها والتفكير بها لاحقاً ،
وعند القيام بهذه الخطوة سيشعر الإنسان براحة أكبر وكأنه أزال 'جبلاً' ثقيلاً عن كتفيه ، وسيكون في حالة إسترخاء وراحة لم يشعر بهما من قبل .
ويعتبر تفكير الإنسان الدائم في المستقبل من الأشياء التي يفعلها الكثيرون منا ، حيث يكون الإنشغال بالأحداث التي سوف تقع في المستقبل دون التركيز على ما هو جاري الآن وفي الوقت الحاضر ، لذلك لابد من الإبتعاد عن هذه الطريقة بالتفكير والاهتمام بالبيئة الم��يطة ، لكن بالطبع إن تطبيق هذه الطريقة ليس سهلاً ويحتاج إلى تدريب وتمرين.
في بعض الأحيان يحتاج الإنسان إلى 'الإنعزال' عن العالم الخارجي وقطع 'الماء والكهرباء' عن نفسه ، بمعنى أن لا يبقى متصلا دائماً ، فاذا كنت تحمل بلاك بيري أو الآي فون او أي أجهزة أخرى لابد في وقت معين أن تقوم بإغلاقها ، لتستمتع بلحظة 'صمت وهدوء' بعيداً عن أي مؤثرات خارجية أو ضوضاء أو فوضى ، لأن البقاء على إتصال دائم يجعلك متوتراً و مضغوطاً جداً طوال الوقت و منشغلاً في التحقق من الرسائل الجديدة.
إن من أكثر السلبيات التي حصدها الإنسان جراء كل الأجهزة المتطورة ، هي تلك العلاقات 'القليلة والضعيفة مع الآخرين ، حيث نجد بأن المرء يكون حاضراً بجسده فقط ، لكن في الحقيقة يكون منشغلاً بأجهزته المتطورة وهاتفه المحمول وغير ذلك ، لذلك لابد من تخصيص الوقت لتفعيل العلاقات مع الآخرين والتحدث إليهم 'بتركيز'.
إن التأمل بجمالية الطبيعية وما خلق الله من نعم يعد بمثابة 'الدواء' لكل داء ، حيث يجهل الإنسان الجانب النفسي والروحاني الذي يتمثل في إشباع حاجته من التأمل والتفكر بكل الجمال من حولنا ، لذلك لابد من الخروج من 'السجن' الذي يضع الإنسان نفسه فيه 'بإختياره' والذهاب لأماكن طبيعية تمده بالطاقة وتشحن قدراته من جديد.
ولا تقتصر النعم والجمال على الطبيعة فقط ، فالطعام أيضاً من الملذات التي يجب على الإنسان الإستمتاع بها ، من هنا لابد من إعطائها حقها من الوقت ، ليكون تناول الطعام ببطء والإستمتاع بكل نكهة وصنف من أطايب الطعام المختلفة.
دائماً إعطاء الأشياء مزيداً من الوقت يجعلنا نشعر بكل دقيقة فيها ، وهذا ينطبق كذلك على قيادة السيارة ، والتي بدأت تسبب العديد من الحوادث بسبب السرعات العالية التي يقود بها الكثيرون فيذهب بذلك ضحيتها الملايين من الأبرياء.
من هنا لابد من التمتع بالقيادة الهادئة المتزنة التي تبعد 'شبح' الحوادث وتعطي وقتا للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة.
إن السعادة الحقيقة ما هي إلا شعور يصدر بريقه من داخلنا ،لذلك إن التمتع بالحياة وبكل ما فيها يجعلنا نتصالح مع أنفسنا ويزيد من تقديرنا للحياة ونعمها ، وفي حال الشعور بالضغوطات النفسية فلا شئ أفضل من التنفس بعمق والشعور بالهواء النظيف يدخل إلى الرئيتين ويوقم بتخليصهما من القلق.
يؤكد الأطباء بأن الإنسان يستخدم في حالات التنفس الهادي العادي من ربع إلى ثلث رئتيه ، أما التنفس العميق فيضطره إلى إستعمال رئتيه كاملة وهذا يدرب كل أجزاء الرئة على الإستعمال بالإضافة إلى أنه يقوي عضلات الجهاز التنفسي ويجعلها أقدر على القيام بوظائفها .
وبالتأكيد للتنفس العميق الأثر الكبير على الروح المعنوية التي يتمتع بها الإنسان حيث تجعلة أكثر تقبلاً للآخر وإنفتاحاً على العالم وتفاؤلاً في نظرته للأمور.
المصدر: معكم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق