قلت: هل قرأت "الإخلاص في الأداء لكسر الملل الجنسي"؟ قالت: نعم ولكن لا يكفي ما تقوله قلت: لا أفهم قالت: سأضرب لك مثالاً.. ...
قلت: هل قرأت "الإخلاص في الأداء لكسر الملل الجنسي"؟
قالت: نعم ولكن لا يكفي ما تقوله
قلت: لا أفهم
قالت: سأضرب لك مثالاً.. انظر إلى البرامج الدينية أو صفحات الفتوى وردود المشايخ على الزوجة التي تشكو من هجر زوجها لها أو عدم القيام بحقوقها الجنسية على أي مستوى، فترى الدعوة إلى الصبر على الزوج في أفضل الحالات إن لم يكن يصل الأمر إلى استهجان هذه الشكوى من الأساس، ودعوتها للاهتمام ببيتها وأولادها، وفي المقابل إذا بعث أحد الرجال يشكو هجر زوجته له أو عدم القيام بحقوقه الجنسية حتى ولو كان عذر المرأة هو إرهاقها من عمل البيت أو تربية الأولاد فإن الحديث عن لعنة الملائكة وغضب الله الذي سيحل بها والوعيد والويل والثبور وعظائم الأمور هو الحديث السائد.
هززت رأسي وقلت: فهمت.. تريدين أن تقولي إن هناك ثقافة سائدة غالبة تجعل من حصول الرجل على متعة واجبا وفرضا.. أوصل للرجال قناعة أنهم أصحاب الحق في الحصول على متعتهم، وأن دور المرأة هو تهيئة الأمر له للحصول على متعته، أما حصول المرأة على متعتها فهو أمر هامشي قد يأتي أو لا يأتي، ليس للرجل أن يشغل به باله، وليس للمرأة أن تطالب به.
فضحكت قائلة: لقد فهمتني يعني ما أريد أن أقوله: إذا كانت الملائكة تلعن المرأة التي تمتنع عن زوجها أو لا تعطيه حقوقه.. فهل تلعن الملائكة الرجال أيضا؟
توقفت عند السؤال واتجهت الى سنة النبي (صلى الله عليه وسلم) أبحث عن الإجابة. عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة، وليكن بينهما رسول، قيل: ما الرسول يا رسول الله؟ قال: القبلة والكلام".
وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام "ثلاثة من العجز"، وذكر منها أن يقارب الرجل زوجته فيصيبها قبل أن يحدثها ويؤانسها، ويقضي حاجته منها قبل أن تقضي حاجته منه [رواه الديلمي في كتابه سند الفردوس]. ورواه أبو يعلى في مسنده بلفظ "إذا جامع أحدكم أهله فليصدقها فإذا قضى حاجته قبل أن تقضي حاجتها فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها".
وأيضا قوله عليه الصلاة والسلام: "ولك في جماع زوجتك أجر، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟! فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر".
توجيه نبوي
أي توجيه إنساني في علاقة الرجل بالمرأة أعظم من هذا التوجيه النبوي، إنه يرقى به إلى مستوى الطاعة والعبادة، وهذا ليس أمرا عارضا في التوجيه النبوي، إنه من أول ليلة، ليلة الزفاف، حيث تجد أنه من السنة أن يصلي الرجل بزوجته ركعتين ثم يضع يده على ناصيتها ويدعو الله أن يرزقه خيرها، ثم هو عندما يبدأ الجماع يدعو الله أن يجنبه الشيطان ويجنب الشيطان ما رزقه، ويجعل ذلك سببا في انفراد الإنسان بالتمتع بزوجته فلا يشاركه الشيطان ذلك.
إذن فالمسألة ليست للترغيب في الجماع فقط، ولكن حتى يقبل عليه الرجال في حالة نفسية وروحانية، مثل إقبالهم على الطاعة التي تزيد حسناتهم.. الرجل يأتي متعته ويحصل على أجر، إن زوجاتكم مصدر أجر لكم وأنتم تحصلون على متعتكم منهن. إنه يهيئ الرجال أن يتعاملوا مع النساء بأفضل صورة وفي أحسن حالة نفسية، إنه يخرج المسألة من كونها رغبة أو شهوة جسدية إلى حالة روحانية يذكر الإنسان فيها الله في أولها، ويحصل على أجر في آخرها، إنه حث واضح على إعطاء الزوجة حقها في الجماع.
أرأيت إن وضعه في حرام أيكون عليه وزر؟! أرأيت من يترك زوجته ويمارس العادة السرية؟! أرأيت من يترك زوجته إلى عشيقة أو رفيقة؟!
وتكتمل الصورة في مشاهد ليلة الإسراء والمعراج ليرى الرجل الذي يترك الطعام الطيب ويأكل الطعام الفاسد الخبيث.. إنه الرجل الذي يهجر زوجته التي هي حل له ويلجأ إلى الزنا والحرام.. أي نذير للرجل الذي يهجر زوجته أشد من ذلك؟! وأي تكريم ومراعاة للمرأة أعظم من ذلك؟!.
الكلام أولا
ولم يترك النبي الرجل ليفعل ذلك بأي صورة أو أداء للواجب أو الوظيفة المطلوب منه أداؤها؛ فيجعل من العجز، أي من عدم اكتمال الرجولة، أي من عجز الرجل أن يكون رجلا كما ينبغي، أي من العجز النفسي والعاطفي والجنسي للرجل أن يقارب الرجل زوجته فيصيبها قبل أن يحدثها ويؤانسها ويقضي حاجته منها قبل أن تقضي حاجتها منه، إنه الكلام أولا، وليس أي كلام ولكنه كلام يؤدي إلى المؤانسة، ثم هي المؤانسة بكل ما توحيه هذه الكلمة من معانٍ، كل ما يجعل زوجة تأنس لزوجها من همس ولمس وقبل و...، و... إنها مراحل الجماع التي وصفها "ماستر وجانسون" بعد 14 قرنا، يصفها الرسول الكريم بنفس الترتيب لندخل في مرحلة الجماع الفعلي، فلا يُترك الرجل لنفسه يحصل على متعته ويصل لذروته ثم يقوم عن المرأة دون مراعاة لاحتياجاتها أو لوصولها إلى ذروة المتعة.
فتوجيه الرسول الكريم واضح؛ فهو يدعو الرجل إلى حالة من التكيف والتفاهم والحوار الجنسي بينه وبين زوجته تجعلهما يقضيان حاجتهما معا في نفس الوقت، في نفس اللحظة، أي يا أيها الرجل احرص على الوصول أنت وزوجتك إلى ذروة المتعة في نفس اللحظة، فلا تتعجل، ولا تسبقها.
وفي النص الآخر يصف حالة أخرى يقضي فيها الرجل حاجته قبل زوجته لأي سبب من الأسباب، فيكون التوجيه الصارم "فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها"، لا تتعجلها بكلمة أو حركة يبدو منها امتعاضك فتخرج من الجو النفسي الذي تعيشه فلا تحصل على حاجتها منك، كما حصلت على حاجتك منها.. وانظر إلى هذا التساوي في اللفظ، إنها حاجته مقابل حاجة، لا فضل لأحد على الآخر، ولا أولوية لأحد.. أنت تحصل على حاجتك وهي تحصل على حاجتها.. أنتما متساويان متوازيان متكافئان؛ فالمتعة متبادلة، متفاعلة، شراكة بين طرفين.
والعجيب أن هذا التوجيه النبوي على مستوى كيفية الأداء هو توجيه للرجل لم نجد له نصا مماثلا للمرأة، بمعنى أن التوجيه للمرأة يبدو أنه على مستوى الكم، فكلما طلبها اجتهدت في تلبية طلبه، ولكن الرجل مطالب بتحسين الأداء على مستوى الكيف، لا بد أن يحسن للمرأة كما وكيفا؛ لأنه من المفترض أن الرجل هو الذي يقود العلاقة فيكون هو من يبدأ فإن أحسن الأداء كانت التحية بأحسن منها من زوجته.
الهديه ضروريه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق