زعموا أن أميرة كانت تعيش في إحدى البلاد البعيدة، و كانت وحيدة أبيها، و لشدة طيبتها و صفاء سريرتها أحبها كل أهل البلاد و أهّهم أ...

زعموا أن أميرة كانت تعيش في إحدى البلاد البعيدة، و كانت وحيدة أبيها،
و لشدة طيبتها و صفاء سريرتها أحبها كل أهل البلاد و أهّهم أمرها،
ثم إن الأميرة شعرت ذات يوم بألم في ركبتها، فسارع والدها و أحضر لها الطبيب،
و بعد أن فحصها
قال للملك: إن مولاتي الأميرة تعاني من جرح عميق في ركبتها،
و لا أرى لها من دواء أفضل من العسل، يوضع على الجرح كل ليلة فيبرأ،
اندهش الملك
و قال: و كم تحتاج إلى عسل أيها الطبيب،
فأجابه الطبيب: إلى وعاء كبير سيدي الملك.
ثم إن الملك جلس يفكر في هذا الدواء المفقود الذي وصفه الطبيب
، فلما رآه وزيره على تلك الحال أشار عليه
قائلا: أيها الملك، ما قولك في أن نضع الوعاء على باب القصر و نكتب عليه ما حدث للأميرة،
فقال الملك: ثم ماذا؟
أجاب الوزير: حتى إذا ما قرأه أهل البلاد سارعوا و جاؤوا بما يملكونه من عسل في بيوتهم،
فما رأيت أحب إلى قلوبهم من مولاتي الأميرة.
اقتنع الملك بفكرة وزيره، و أمر خدمه فوضعوا وعاء على باب القصر
و كتبوا عليه: إن الأميرة مرضت و إن الطبيب وصف لها دواء بأن يملأ هذا الوعاء عسلا فيداوي جراحها
فمن يملك منكم هذا الدواء فليضعه هنا و أجره على الله.
فمر أحدهم على الوعاء و قرأ ما فيه فدعا الله للأميرة بالشفاء و سارع نحو بيته فأحضر قارورة صغيرة بها عسل،
فلما وصل إلى باب القصر و رأى كبر ذلك الوعاء
قال: و ما عسى هذه القطيرات تملأ من هذا الوعاء؟
و قفل راجعا إلى بيته،
ثم مر الثاني و دعا لها بما دعاه الأول و عزم على إحضار ما يملكه من عسل
فلما وصل إلى داره لم يجد عنده سوى جرة صغيرة
فقال: يا لها من جرة صغيرة ما عساها تملأ ذلك الوعاء فتركها جانبا و لم يأخذها،
و هكذا كان كلما مرّ أحد على الوعاء اندهش من كبره و استصغر الكم القليل للعسل الذي عنده،
حتى مضت الأيام، و ازداد جرح الأميرة تعفنا و بقي الوعاء فارغا،
و ذات يوم شعرت الأميرة بألم شديد فلم يجد الطبيب من دواء لها إلا أن تقطع ركبتها .
و هكذا قطعت ركبة الأميرة ، فندم أهل البلاد ندما شديدا
و أدركوا أن كان عليهم مساعدة الأميرة دون أن يأبهوا إلى ما عندهم من عسل قنطارا كان أم قطميرا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق